دقيقتان

في مجتمعنا اليوم، وظيفة الرجل أو المرأة مهمة جدًا. فمثلًا حين تتعرّف بشخصٍ جديد، بعد أن يسألكَ عن اسمِكَ، السؤال الذي يليهِ عادةً يكون “ماذا تفعل في الحياة؟” أو “ما وظيفتُكَ؟” و كأنَّ هويّة الشخص أصبحت متعلقة بوظيفتِهِ. و الكثير من الناس يستمدون ثقتهم بالنفس من وظيفَتِهِم. أنا محامي، أنا طبيبة، أنا مهندسة، أنا أستاذ… و لذلِك كثيرًا ما ندرس و نجتهد منذ صغرنا كي نحظى بالوظيفة الأفضل  التي تتيح لنا الفرصة بأن نفتخر و نرفع الرأس. لكن ماذا تفعلين، إن إضطررتِ أن تتركي مجال عملِك بالكامل؟ ماذا تفعل إن فقدتَ منصبَكَ في الشركة؟ هل تتغيّر هويتُكَ؟ هل تنهار هويتُكِ؟

واحدٌ من الكتب القصيرة في الكتاب المقدّس كتبها شخصٌ اسمُهُ عاموس. و المُلفت في عاموس أنه كان راعي غنم، و أيضًا مختص في زراعة شجر الجميز. أي كان يعمل وظيفتان بنفس الوقت، مثل كثيرين في يومنا هذا. و لكنَّ الله قال لعاموس أن يتنبئ بالرغم أنهُ لم يكن نبيًا. ففي يومٍ من الأيام أتى رجلٌ يشتكي أمام عاموس و يقول لهُ اذهب يا عاموس و تنبئ في مكان آخر. لكن كان جواب عاموس، “لستُ أنا نبيًا و لا أنا إبن نبي بل أنا راعٍ و جاني جمّيزٍ. فأخذني الرب من وراء الضأن و قال لي اذهب تنبأ لشعبي إسرائيل” عاموس ٧: ١٤، ١٥ .

الله اختار رجلًا عاديًا ذو وظيفتين كي يتنبئ و يوصل رسالة الله للشعب و الملك في تلك الأيام. و أنتَ اليوم، أريدُكَ أن تعلم أنَّ الله يدعوك من  وراء مكتبِكَ، من وراء دفاتِرِك، من عيادَتِكِ و من وسطِ تلامِذَتُكِ. لقد اختارَكَ الله و خصَّصَكَ كي تخدُمَهُ، قبل أن تختار أنتَ ما ستنجز في حياتِك. الله لديهِ مهمة لكَ! هو يريد أن يأخذك من حيثما أنت إلى أماكن لم تتوقعها، يريد أن يضع في فمِكَ كلام مهم لأناس من حولِك مثلما فعل مع عاموس. فلا تنسى من أنت. و لا تُهمِل دعوتَك. أبقي آذانك مفتوحة لسماع إرشاد الله. أبقى قلبك حاضر و مصغي لما سيقولهُ. و كن مستعدًا أن تطيع حين يرشدُكَ إلى أمرٍ معيَّن.

إن كنتَ موظفًا بمنصبٍ عالٍ أو كنتِ موظفَةً بمرتَّبٍ بسيطٍ، إعمل بأمانة، لكن لا تضع قلبَكَ على أي من هذه الأمور. فوق كل شيء تذكَّر أنكَ إبن و إبنة الإلاه الحي،  هذه هويتَك و هذا من أنت.

ميكال حداد