دقيقتان

لدى معظمنا شيء في ماضينا نخجل منه. إنه شيء دخل حياتنا وقضى على كل المشاعر الإيجابية تجاه الذات، فصرنا الآن غير ما كنا عليه. ربما يكون شيئًا لم نكن مسؤولين عنه، شيئًا فعلها شخص آخر بنا، شيئًا لا نريد لأحد أن يعرفه، بل نحرص على إخفائه كأهم سر في حياتنا في محاولة لحفظ ماء الوجه. لدينا جميعًا إحساس بالعار. إنه الإحساس بأننا لا نصل إلى المستوى المطلوب، بأن هنالك عيبًا أو خطأ فينا. وقد يخطر أحيانًا أننا نستحق ما حصل لنا، لأن الله سمح به كعقاب على شيء ما فعلناه. ونحن نصِف أنفسنا بأننا تالفون، ومرفوضون، وقذرون، ومكسورون وأدنى من الآخرين. نحس بأننا غير جديرين وأننا بلا قيمة. نشعر بأن ذاتنا كلها معيبة. وهو إحساس يؤدي بنا إلى الإقصاء، وإلى الانسحاب، وإلى اللجوء إلى أشكال من الإدمان في محاولة لإخفاء تأثيره فينا. إنه إحساس في وعينا باستمرار، إحساس خطِر، حيث تؤثر الذكريات المرتبطة به في قراراتنا وتتحكم في حياتنا ويحطمها. إنه حُكم ذاتي بالسجن مع الأشغال الشاقة والتعذيب.

يكون الإحساس بالعار غير واقعي أو غير ضروري إذا لم تكن مسؤولًا عنه بشكل مباشر واعٍ. وقد يكون صحّيًا إذا كنت مسؤولًا عنه مدركًا أنك خُنتَ نفسك وقيمك ومُثُلك العليا، أو كسرت تعهداتك وتكريساتك، أو أحدثت بتصرفاتك الحمقاء شرخًا كبيرًا في علاقة مهمة جدًا في حياتك، ولاسيما إذا ذاع هذا الخبر.

 لكن السيد المسيح يريد أن يستردك ويحررك من إحساسك بالعار حتى لو كنت مسؤولًا عنه بخطاياك. يريدك أن تضع عارك خلفك وأن ترتدي برّه لكي تتمكن من فعل ما يريدك أن تفعله وتشهد عما فعل لأجلك بحياتك وكلامك. وبالفعل، فإن الخطية عار عندما تنكشف في نور الله. وهو يكشفها لك بروحه لا لتعميق إحساسك بالعار، بل ليبكتك عليها ويقودك إلى التوبة عنها من خلال الإيمان بالمسيح. فلا بد من التعامل معها. فالله لا يتجاهل الخطية التي يفترضُ أن تسبب لنا الإحساس بالعار، ولا يقوم بتغطيتها بعيدًا عن العيون. لكنه ينزعها تمامًا. وقد فعل ذلك بشكل شرعي عندما حمل السيد المسيح خطاياك وعارك على الصليب.

يلتقي السيد المسيح كل واحد منا حيث نحن، بالنعمة والحق، ويطالبنا بلطف أن نواجه حقيقة أنفسنا. فإن كنت تجد صعوبة في التعامل مع الإحساس بالعار، فلست مضطرًا إلى الانتظار حتى تصبح حياتك قويمة. فالسيد المسيح يعطيك نعمة. وبدوره يمدّنا بالقوة لنصبح قنوات نعمته إذا سمحنا له بأن يسترد قلوبنا أولًا إليه.

ماذا يكون رد فعلك عندما تنفتح عيناك على الحق وعلى حقيقة خطاياك؟ هل تلجأ إلى الاختباء أو الهروب في خوف؟ أم هل تلجأ إلى آليّة الدفاع عن نفسك مبررًا خطيتك وملقيًا اللوم على شخص آخر أو على الظروف؟ لا تفعل ذلك، لأن الله لا يقبل هذا الحل. فلا توجد مبررات للخطية. لكن اقبل نعمته الله وعطية الغفران المجانية. تبْ بدلًا من الفرار. وسيعطيك بره ومجده وانتصاره على عارك. فاطرح بعيدًا ذلك الإحساس بالعار الذي أوقعك في فخه، واسمح لنفسك بأن تقاد عبر عملية الاسترداد اليوم.

فارس أبو فرحة